آمال حاجي 16 أكتوبر 2013


مستشفيات الجزائر العاصمة 

ميزانيـــــــــــــة ضخمة ومشاكـــــل أضخم ... !! 


بين طوابير الانتظار وآهات المرضى، حكايا ترويها أروقة المستشفيات، وظواهر تكشف عن سلوكات باتت تصنع يوميات عمال مهنة، كانوا في وقت قريب يعرفون بأصحاب المهنة النبيلة !! 


تخصص الحكومة الجزائرية حسب بعض المصادر ما يقارب 5 مليار دولار سنويا لقطاع الصحة، إلا أن حالة المستشفيات ما تزال كارثية، ومشاكلها لا تكاد تنتهي، بدءا من الإجراءات البيروقراطية، وصولا إلى تردي الخدمات العلاجية، وانعدام النظافة وقلة الاهتمام بالمرضى، ما يتسبب في الإصابة بأمراض جديدة جراء انتشار الجراثيم والفيروسات، لغياب وسائل التعقيم. إذ كشفت آخر الإحصائيات إلى أن 18% من المرضى الذين خضعوا للعلاج في المستشفيات، وقعوا ضحايا أمراض خطيرة أخرى، وتفيد مصادر طبية إلى أن 50% من العيادات والمؤسسات الصحية عبر الجزائر لا تمتلك أدوات تعقيم. بينما تشير تقارير أخرى إلى أن 45% من الممرضين لا يعقمون أيديهم كما ينبغي، في حين أظهر تقرير ميداني قامت به وزارة الصحة أن الجزائر تسجل سنويا عشرة آلاف حالة تعفن استشفائي أو عدوى، وهو ما يكلف خزينة الدولة عشرة آلاف دولار لعلاج كل مريض.


لا فرق بين طبيب وممرض ومنظف
أغرب ما قد تصادفه في المستشفيات، عدم احترام العمال للبدلة المخصصة لهم، فتجد عمال نظافة بالمئزر الأبيض، وممرضين بزي الطبيب الجراح، وعمال صيانة بزي الممرض... تختلف ألوان البدلات والأشخاص، والمريض ضائع بين هذا وذاك !!! وإن كان الأمر يقف عند هذا الحد لكان أرحم، فبعض أعوان النظافة يتدخلون في صلاحيات الطبيب ويوصون المرضى بإتباع إرشادات أخرى حتى يتماثلوا للعلاج، كأن يتناولوا نوعا من الأدوية أو الأغذية، ما يشكل خطرًا على سلامة المرضى، خاصة أولئك البعيدين عن ديارهم والقادمين من ولايات أخرى...!! 

70 حالة وفاة في ثلاثة أشهر ... !!!
لم تكن خدوج، البالغة من العمر 48 سنة، تعلم أن خضوعها لعملية جراحية على مستوى الأمعاء في إحدى مستشفيات العاصمة، ستكون آخر منعطف في حياتها. خطأ طبي كان سببا في حرمان خمسة أطفال من أم كانت أغلى ما يملكون. وبعد أن دخلت المستشفى على قدميها خرجت منه محملة في نعش وسط بكاء من عرفوها في تلك الثمانية أيام التي قضتها في الغرفة رقم 312، بقسم الجراحة.

أمثال خدوج كثيرون، إذ تشير إحصائيات آخر ثلاثة أشهر إلى وفاة 70 شخصا، إما جراء تأخير عملية كان من المفروض أن تكون استعجالية، أو لأسباب طبية أغلبها يتعلق بمعايير التخدير. 

الصيانة ضمير مستتر تقديره غائب 
إذا كان الحديث عن النظافة غير وارد في أروقة المستشفيات، فأعمال الصيانة حدث ولا حرج، غرف من دون إنارة، مصابيح أروقة مكسورة، طاولات الأكل المخصصة للمرضى تغير لونها من كثرة الصدأ، أسِرة بالية، أجهزة تلفاز للزينة فقط... وغيرها من المشاهد التي تزيد من ألم المريض ومن قلق عائلته عليه. ناهيك عن العتاد الطبي المختل لأشهر عديدة وقد يمتد لسنوات، ما يتطلب من المريض إجراء فحوصاته الطبية الكاملة في عيادات خاصة قبل الدخول إلى المستشفى... !! 

زيارة المريض بالمعريفة
القانون الداخلي للمستشفى ينص على أن الساعات المخصصة لزيارة المرضى تبدأ من الساعة الواحدة زوالا وتنتهي في حدود الساعة الثالثة مساءً، ولكن قانون المكلفين بحراسة ومراقبة الزيارات، عدلوا فيه وجعلوا أي محاولة للدخول خارج هذه الأوقات تتطلب "معريفة"، فهذا يسمحون له وذاك لا، وشعارهم في ذلك "هذا ليس وقت الزيارة القانونية، عد لاحقا"، وهو ما يجعل عائلات المرضى في مشادات دائمة مع هؤلاء الحراس خاصة من يتطلب منهم الدخول خارج أوقات الزيارة لتفقد مرضاهم لأنهم متأكدين أنهم مهملين في أسرتهم، ولا أحد يسأل عنهم أو عن احتياجاتهم، فهل يطبق القانون بالاختيار ؟

المستشفى بعد العاشرة ليلا ... 
كلنا نعلم أن التدخين مضر بالصحة، وممنوع في الأماكن العمومية، فما بالك بمستشفى ؟ يبدو أن الأمر ليس كذلك في العديد من مستشفيات الجزائر العاصمة، فالمرضى ليلا يعانون الأمرين نتيجة دخان السجائر المتصاعد في الأروقة، "إيلا ما متْش بالمرض، نموتْ مخنوقة بهاد الدخان، واش هاد المنكر يا وليدي" هكذا عبرت الحاجة زهور صاحبة 70 عامًا عن عدم مبالاة الممرضين بالحالة الصحية للمرضى. لكن الأمر أصبح عادة، سهر وسجائر ثم خلود للنوم ... والمريض ربي يسهل عليه إن استيقظ أو تألم أو احتاج إلى مساعدة... فالممرضون خارج مجال التغطية، يرجى إعادة المحاولة لاحقًا. 

ما تخفيه أروقة المستشفيات وغرفها من أسرار من المؤكد أنه عظيم وأكثر خطورة، وبين الحاجة الملحة للعلاج ومرارة ما آلَ إليه قطاع الصحة، يبقى المواطن في صراع دائم مع المرض ومحاولة الامتثال للشفاء بأقل الأضرار، في أوضاع أقل ما توصف به أنها مزرية. 

آمال.ح