أنهِكت نفسِي ومِن ثرثرتِهم تعِبتْ، وَكأنني حالة شاذة لا يقاس عليها، وسط أناس تقاسَموا سِمة الثرثرة بِالتسَاوي، حتى أنَّ المَكان إذا مَا اجتمعوا فيه أصبحَ عنوَانًا لضجِيجٍ لا يطَاقُ، وَلا ينتَهِي، ومَا يكون عليَّ إلا أنْ أحمِل أفكَاري المُنهَكة لأبحثَ عن مكانٍ أعتزلُ فيهِ.
جلال عامر |
سَاعَاتٌ تَفْصِلُنَا عَنْ سُقُوطِ وَرَقَةِ الأَلْفَيْنِ وَأَحَدَ عَشَر مِنْ شَجَرَةِ السِّنِين
عَامٌ يَسْقُطُ مِنْ ذَاكِرَةِ الأَيَّام...
سَنُوَدِّعُهُ وَنُوَدِّعُ مَا حَمَلَهُ لَنَا
مِنْ أَتْرَاحٍ كَبِيرَة وَأَفْرَاحٍ جَمِيلَة
سَنُوَدِّعُ فِيهِ نَبْضًا كَانْ،
وَوَرْدًا زَرَعْنَاهُ في حَدَائِقِ الحَيَاة،
وَعِطْرًا نَثَرْنَاهُ في جَنَبَاتِ الرُّوح
عَامٌ آخَرُ يمْضِي... نَكْبُرُ عَامًا...
وَنَسْتَقْبِلُ نَبْضًا جَدِيدًا، وَعِطْرًا أَطْيَب
مَعَ بِدَايَةِ هَذَا العَامِ الجَدِيد
لَنْ أنتَظِرَ مَنْ رَحَلُوا،
ربَّمَا لأَننِي فَهِمْتُ
أَنَّهُمْ لا يُدرِكونَ مَعنَى الرجُوع،
بِقَدرِ إِتقَانِهِم لِفَنِّ الهرُوب
مَعَ بِدَايَةِ هَذَا العَامِ الجَدِيد
سَأَبتَسِمُ وَأَبتَسِمُ وَأَبتَسِمُ،
ربَّمَا لأَننِي أَدرَكتُ أَنَّ الحُزنَ
يَخْشَى الاقتِرَابَ مِنَ الوجُوهِ البَاسِمَة
مَعَ بِدَايَةِ هَذَا العَامِ الجَدِيد أَقُولُ شُكرًا
لِمَنْ رَسَمَ عَلَى شَفَتَايَ ابتِسَامَةً،
فَعَلَّمَنِي أَنَّ لِلأَشْيَاءِ البَسِيطَةِ معَانٍ كَبِيرَة
لِمَنْ تَمَنَّى فَشَلِي، وَرُغمًا عَنْهُ لَمْ أَفشَلْ،
فَعَلَّمَنِي أَنَّ الإيمَانَ بِالله مِفْتَاحُ النِّعَمِ العَدِيدَة
لِمَنْ نَافَقَنِي كَذِبًا، فَعَلَّمَنِي أَنَّ الحَيَاةَ
قَدْ تُخْفِي قُبْحَ عُيُوبِهَا وَرَاءَ جُدرَانٍ مُزَيَّفَة
مَعَ بِدَايَةِ هَذَا العَامِ الجَدِيد أَقُولُ
كُلُّ عَامٍ وَأَنْتُمْ تَرْفَلُونَ بِالسَّعَادَةِ وَالاطْمِئْنَان
كُلُّ عَامٍ وَأَنْتُمْ في ازْدِهَارٍ وَأَمَانٍ وَرُقَيٍّ