|
جلال عامر |
لطالما دلَّ ظهور التجاعيد على التقدم في السن، وهو
ما يفسر كثرة التجارب الحياتية التي نقشت معالمها على ملامح الكبار؛ لتُعلِّم فيهم
خبرات المواقف التي مروا بها. وما أجمل تلك الخطوط الدقيقة، عندما تمتزج بجمال
الكلمة والمعنى... كلمات قليلة تقرأها، تكفي لأن تضحك ثم تفكر فيما آل إليه الوضع في الوطن العربي، وتتأثر لما يحدث في أرض الكنانة، لكنك سرعان ما ستبتسم من جديد وقد أصابتك حالة مزدوجة من الفرح والحزن. قلمه الثاقب ووعيه السياسي، عباراته الموجزة
وخفة ظله، كافية لتجعل منه حالة خاصة، اسمها جلال عامر.
وجه مستدير تتقاسمه ملامح بريئة، عينان مغمضتان شكلا لا مضموناً، إن تأملتهما
جيدًا، لاحظت خيوط الطيبة والأمل والغيرة على الوطن التي تغلفهما في عالم باتت
تندر فيه هذه الصفات. المتابع العادي
لمقالات جلال
عامر
لن
يخيل
له
أن
صاحب
الحروف
النابضة بالحياة التي
تشاهد
أحداث
مصر
والعالم العربي
بمنظار
''شر
البلية
ما
يضحك''
قد
غادر
هذه
الحياة، فالعم
جلال
كما
يصفه
محبوه
يتكلم
عن
أحداث
اليوم
بكلمات
كتبها
في
الأمس،
وكأنه
استشرف
كتاب
المستقبل قبل
الرحيل.
جلال عامر (1952 –
2012) كاتب صحفي مصري وقائد عسكري، متخرج من الكلية الحربية، وأحد ضباط حرب
أكتوبر. كما درس القانون في كليه الحقوق والفلسفة في كليه الآداب. جلال عامر تخونه
عيناه وتغلب دموعه سخريته كلما تحدث عن الأوضاع في مصر، قبل أن يخونه قلبه ويتوقف
عن النبض أثناء مشاركته في مظاهرة مناهضة لحكم العسكر بالإسكندرية مطلع العام 2012
وآخر كلماته "المصريين بيموتوا بعض".
بدايات
جلال عامر كانت في مجالي القصة
القصيرة والشعر قبل أن يتحول إلى
عالم الصحافة، ليبدأ مشواره ككاتب صحفي في جريده
القاهرة الصادرة عن وزارة الثقافة المصرية، بعدها تولى الإشراف
على صفحة "مراسيل ومكاتيب للقراء"، ليتخذ له بعد ذلك عمودًا تحت عنوان "تخاريف"
في جريدة المصري اليوم يتابعه يوميًّا مئات
الآلاف في مصر والوطن العربي من خلال الجريدة
ومواقع إلكترونية عديدة تتداول العمود. وله مئات الآلاف من المعجبين على مواقع التواصل الاجتماعي
مثل فيسبوك وتويتر. كما
صدر له كتاب «مصر على كف عفريت» عام 2009 في عدة طبعات عن «دار العين».
مقالات جلال عامر
المنشورة في العديد من الصحف المصرية، قريبة من المتلقي البسيط في صدقها وقوتها،
فهو صاحب مدرسة جديدة في فن الكتابة الساخرة تعتمد على طرح عدد كبير من الأفكار في
مقال واحد، وربطها بشكل غير قابل للتفكيك، بحيث تصير المقالة وحدة واحدة شديدة
التماسك على الرغم من احتوائها على أفكار منفصلة عن بعضها، كما يتميز أسلوبه
باحتوائه على الكثير من التوريات الرائعة، التي تشد انتباه القارئ حتى نهاية
المقال.
جلال عامر، الضاحك
الباكي أو الراحل الباقي، لن يغيب عنا، ولن يموت فينا، مادامت أفكاره حية لا
تموت...
0 التعليقات:
إرسال تعليق