آمال حاجي
03 أبريل 2010
مشوار سبعين عامًا يتوَّج بسبعين كتابًا وأكثر...
لطالما دلَّت التجاعيد على التقدم في السن، وهو ما يفسره الكثيرون بكثرة التجارب الحياتية التي نقشت معالمها على ملامح الكبار؛ لتُعلِّم فيهم خبرات التجارب التي مروا بها، وما أجمل تلك الخطوط الدقيقة، عندما تمتزج بجمال الكلمة و المعنى، لتصنع رجلا عظيما في سماء الأدب، لا يلائمه إحساس الكبر؛ لأنه وببساطة يرى أن روحه لازالت شابة، وإن كانت المتاعب الصحية التي يعاني منها بين الفينة والأخرى، تجبره على الاعتراف بالكبر.
وجه مستدير تتقاسمه ملامح بريئة، عينان فاتحتان، إن تأملتهما جيدًا -من وراء عدسات نظارته التي باتت صديقة له- للاحظت الطيبة التي تغلفهما في عالم باتت تندر فيه هذه الشيمة. هو ذا خيري شلبي، الذي يعيش في عالم الأوراق، والأقلام، والكلمات، والمعاني، سعادته تكمن في رسم صور قولية، ولوحات قلمية بنسيج من الكلمات اللغوية المتناسقة، المزينة بجميل البديع وسحر البيان، فهو الذي يرى أن الكتابة مثل السلَّم، تصعد درجة ثم أخرى، وعندما تريد أن تتجه إلى وجهة أخرى، تجد "بسطة" لهذا السلَّم. وفي مشوار المبدع خيري شلبي العديد من البسطات، التي توصله إلى برج عال، نشعر جميعا و يشعر هو نفسه أنه يتهيأ لدخول هذا البرج.
في قرية شباس عمير، بمحافظة كفر الشيخ، ولد خيري شلبي في الواحد والثلاثين من شهر يناير/ جانفي عام 1938 لتبدأ مسيرة الإبداع وتتطور، ليتعدى نتاجه الأدبي الذي أهداه للمكتبة العربية، عتبة السبعين كتابا يتنوع بين الرواية، والمجموعات القصصية، والمسرحيات والدراسات، ليحتل قلمه مكانة راقية في أوساط الكتاب المصريين و العرب.
تألق خيري شلبي في كتابة الرواية، التي لطالما رآها ابنة شرعية للسيرة الشعبية، التي تدرب على الإنصات ومتابعة الحكاية. فضم رصيده العديد من الروايات الشهيرة نذكر منها: السنيورة، الأوباش، العراوي، فرعان من الصبار، موال البيات والنوم، بغلة العرش، لحس العتب، منامات عم أحمد السماك، صالح هيصة، موت عباءة، بطن البقرة، صهاريج اللؤلؤ، زهرة الخشخاش، نسف الأدمغة، صحراء المماليك وغيرها من الروايات التي اقتحمت العالم السمعي البصري، و تقدم في أعمال سينمائية وتلفزيونية مثل:
* فيلم (الشطار) مع المخرج نادر جلال عن رواية بنفس العنوان.
* فيلم (سارق الفرح) مع المخرج داود عبد السيد عن قصة قصيرة.
* رواية (وكالة عطية) تناولها الممثل المصري حسين فهمي كعمل تليفزيوني في مسلسل يحمل نفس الاسم.
* مسلسل (الوتد) من إخراج أحمد النحاس.
* مسلسل (الكومي) عن ثلاثية الأمالي ومن إخراج محمد راضي.
لمسته الأدبية، تجاوزت مساحة سماء الأدب، لتعبر مجال الصحافة، و لأنه المبدع المتألق، فهو لم يمر مرور الكرام، بل نقش اسمه في سجل الصحافة المصرية، وذلك من خلال إحيائه لفن البورتريه، وهو لون أدبي ظهر سابقا عند الغرب، قدم فيه على امتداد ثلاثة أجيال إسهامات معتبرة، تمثلت في مائتين وخمسين نجمًا من نجوم مصر، في شتى المجالات الأدبية و الفنية والسياسية و العلمية وحتى الرياضية، جمع بعضها في ثلاث كتب هي:
* أعيان مصر، عن الدار المصرية اللبنانية.
* صحبة العشاق، عن الهيئة العامة للكتاب.
* فرسان الضحك، عن دار التحرير للطبع والنشر.
خيري شلبي، كتلة إبداع متناسقة الأبعاد، حصدت أعماله الأدبية العديد من الجوائز، نذكر منها:
* جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 1980- 1981.
* وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1980 – 1981.
* جائزة أفضل رواية عربية عن رواية "وكالة عطية" 1993.
* الجائزة الأولى لإتحاد الكتاب للنفوق عام 2002.
* جائزة أفضل كتاب عربي من معرض القاهرة للكتاب عن رواية "صهاريج اللؤلؤ" 2002
* جائزة ميدالية نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن رواية "وكالة عطية" 2003.
* جائزة الدولة التقديرية في الآداب 2005.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة "إمباسادورز" الكندية كانت قد رشحته للحصول على جائزة نوبل للآداب. أمام هذا العملاق المحلق في سماء الأدب، والكم الهائل من الإنتاج الذي نطقت به عديد اللغات، والذي قال عنه الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي - جملة يحسها أي قارئ وفيٌّ لكتابات خيري شلبي-: "... منحته التجربة كتابته، ومنحته كتابته نفسها فأغنى الرواية بعوالم لم يطأها قلم من قبله"، تبقى حروفنا عاجزة أمام رائد من رواد الأدب، و لا يسعنا عبر مجلة رؤية مصرية إلا إرسال تحية مغلفة بمشاعر التقدير لشخص وقلم خيري شلبي، المحلق في سماء الأدب و الإعلام، ويبقى أن نقول: " أطال الله في عمرك، يا عمي خيري" .
نشر في مجلة رؤية مصرية
0 التعليقات:
إرسال تعليق